Monday, April 6, 2015

دفع توهم حول (عجل فرجهم )

قال بعض الكتاب مشكلا على عبارة ( اللهم عجل فرجهم وسهل مخرجهم) : (دعاء غير مفهوم المقصد ياتي بصيغة الجمع وليس الفرد.. ومن يسمعه ويكرره لا يقصد الإمام المهدي. غير معقول أن يقال دعاء بصيغة والقصد شيء مختلف تماما. هل هو يخص المهدي أم يجمع محمد واله ويعيدهم للدنيا ..؟ الناس كثيرا ما تكرر أقوالا وتفعل أعمالا بدون تدقيق .. مجرد متابعة وتقليد لا أكثر. وهذا الدعاء الغريب نسمعه يتكرر ويعيده الناس بدون أن يدققوا فيه أو يسألوا عن هدفه ومن مبتدعه ولماذا وهل هو مناسب أم فيه خطأ ومخالفة لأرادة الله وسننه!!).
في مقام التعليق أذكر أموراً :
الأمر الأول : نسب الفرج إلى المعصومين (عليهم السلام) جميعا في أدعية وروايات كثيرة منها :
1ـ نقل ابن المشهدي زيارة جامعة في المزار ص 555 في زيارتهم الجامعة التي أملاها الشريف الجليل العالم أبو المكارم حمزة بن علي ابن زهرة : (اللهم عجل فرجهم ، وأظهر فلجهم ، واسلك بنا منهجهم ، وأمتنا على ولايتهم ، واحشرنا في زمرتهم ، وتحت لوائهم) . وفي البحار ج 99ص 178 : " الزيارة السابعة " قال السيد - ره - : هي مروية عن أبي الحسن الثالث صلوات الله عليه .... الخلق .اللهم عجل فرجهم ، وأظهر فلجهم ، واسلك بنا منهجهم ، وأمتنا على ولايتهم ، واحشرنا في زمرتهم ، وتحت لوائهم ، وأوردنا حوضهم ، واسقنا بكأسهم ...).
2ـ ونقل في البحار ج 87 ص 341 : 2 - المتهجد والجمال وغيرهما : يستحب أن يقرأ الانسان في صلاة الصبح من كل خميس ويوم اثنين بعد الحمد في الركعة الأولى سورة هل أتى ، ويستحب طلب العلم فيهما ... ويستحب الاكثار فيه من بعد صلاة العصر يوم الخميس إلى آخر نهار يوم الجمعة من الصلوات على النبي صلى الله عليه وآله ويقول : اللهم صل على محمد وآل محمد ، و عجل فرجهم ، وأهلك عدوهم من الجن والإنس من الأولين والآخرين ; وإن قال ذلك مائة مرة كان له فضل كثير ويستحب أن يقرأ فيه من القرآن سورة بني إسرائيل والكهف والطواسين الثلاث وسجدة لقمان وسورة ص وحم السجدة وحم الدخان وسورة الواقعة .
3ـ وفي المصباح ص 145: تقول عقيب ذلك : يا رب ! أنت الله ، ما شئت من أمر يكون ، فصل على محمد وآل محمد واجعل لي فيما تشاء أن تعجل فرج آل محمد صلى الله عليه وعليهم وتجعل فرجي وفرج إخواني مقرونا بفرجهم وتفعل بي كذا وكذا . وتدعو بما تحب .
4ـ وفي المصباح ص 392 : اللهم عجل فرج آل محمد وأهلك أعداءهم من الجن والإنس ، اللهم صل على محمد وأهل بيته وذريته وأزواجه الطيبين الأخيار الطاهرين المطهرين الهداة المهديين غير الضالين ولا المضلين الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا .
5ـ و في الصحيفة السجادية في دعاء الاحتراز ص 401: اللهم وال من والاهم ، وعاد من عاداهم ، وانصر من نصرهم ، واخذل من خذلهم ، والعن من ظلمهم ، وعجل فرج آل محمد ، وانصر شيعة آل محمد ، وأهلك أعداء آل محمد.
6ـ و في البحار ، عن أعلام الدين للديلمي : عن جعفر بن محمد ( عليهما السلام) ، عن آبائه ( عليهم السلام ) ، قال : ( من قال عقيب الظهر يوم الجمعة ثلاث : مرات اللهم اجعل صلواتك وصلواتك ملائكتك ورسلك على محمد وآل محمد ، ( وعجل فرج آل محمد ) ، كانت أمانا بين الجمعتين ، ومن قال أيضا عقيب الجمعة سبع مرات اللهم صل على محمد وآل محمد ، وعجل فرج آل محمد ، كان من أصحاب القائم ( عليه السلام ) ) . مستدرك الوسائل ج 6 ص 97.
7ـ في الغيبة ص 272: عن أبي جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) ، أنه قال : " إذا رأيتم نارا من المشرق شبه الهردي العظيم تطلع ثلاثة أيام أو سبعة فتوقعوا فرج آل محمد ( عليهم السلام ) إن شاء الله عز وجل إن الله عزيز حكيم .
الأمر الثاني : في وجه و منشأ إشكال الكاتب احتمالان:
الوجه الأول : إذا كان الدعاء للأمام المهدي (عليه السلام) فلا نواجه مشكلة بلحاظ نسبة الخروج والفرج و إضافتهما إليه ، لأنه حي يرزق ويعيش المعاناة بسبب مشاهدة بعد الناس عن الحق وعن مراعاة وقار الخالق جل شانه ، و أمام عينيه تقاسي الجماعة الصالحة فنون التعذيب والتنكيل والضعف والهوان ، ولكن لماذا التعبير عنه بضمير الجمع وهو مفرد .
الوجه الثاني : إذا كان المقصود جميع المعصومين (عليهم السلام) فلن نواجه مشكلة في التعبير بالجمع ، ولكن سنواجهها في نسبة الظهور والخروج إلى المعصومين (عليه السلام) فإنهم أموات لا يخرجون إلى الدنيا ولا يعيشون المعاناة ليكون لهم فرج.
والجواب : يمكن أن نختار أن المقصود جميع المعصومين (عليهم السلام) ونسبة الفرج إليهم إما لأن هذا الفرج فرج لهم بنفس الدولة المهدوية ، فلأن هذا الفرج مطلوب لهم ، أو مطلوب لأحدهم وهو خاتم الأوصياء ، أو فيه ظهور حجتهم وحقهم وفلجهم ، وهذا المقدار كاف لصحة إضافة الفرج والخروج إليهم لأن الإضافة تصدق بأدنى ملابسة ، كقول الشاعر ، أنشده أبو عليّ في الشيرازيّات :
إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة * سهيل أذاعت غزلها في القرائب
فقد أضاف الكوكب إليها لجدّها في عملها لطلوعه . و « الخرقاء » المرأة التي ليست بكيّسة . ومثله قوله تعالى : « وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ » أي دينهم الذي دعوا إليه وشرع لهم ، فقيل لهم ذلك لمّا كانوا كفروا باتّباعه .
أو لأن يعانون مما يعاني منه الإمام المهدي (عليه السلام) وخروج الإمام فرج لهم وله ، أو لأن المقصود بالفرج ملكهم في الرجعة وظهور دولتهم و بخروجهم خروجهم إليها ، وقد ورد ذلك فيهم جميعاً أو في جملة منهم ، وعبر عن الرجعة بالخروج ففي الوافي ج 2 ص 267 : روى الحسن بن سليمان الحلي بإسناده عن أحمد بن عقبة عن أبيه عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) : أنه سئل عن الرجعة أحق هي قال نعم فقيل من أول من يخرج قال الحسين (عليه السّلام) يخرج على أثر القائم قلت ومعه الناس كلهم قال لا بل كما ذكره اللَّه في كتابه « يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً » قوم بعد قوم».
وأيضاً يمكن أن نختار أن الدعاء للإمام (عليه السلام) ـ تسليماً وتنزلاً ـ وجمع الضمير بعد المفرد ـ إن كانت عبارة ( عجل فرجهم )بعد ذكر الإمام المهدي (عليه السلام) ولم أقف على ذلك في هذه العجالة ـ نظير قوله تعالى : ( كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات ) فقد ذكر في وجهها أن الموقد واحد والمستفيد جماعة ، وكذلك الأمر في الإمام الحجة (عليه السلام) ولو قلنا بأنه الخروج له فقط ، فإن خروجه لا يعود بالنفع والفرج إليه فقط بل إلى جميع الأنبياء و الأولياء (عليهم السلام) لأنه أملهم ، وقاطف ثمار جهودهم ، فعبر بالجمع لذلك .
الأمر الثالث: لا ينبغي للمؤمن أن يتسرع في الحكم على الأدعية المتداولة والمكررة من العلماء أو عامة الناس في محضر أهل العلم من المراجع والمحققين والمدققين ، و إنما عليه أن يبحث وينقب ويسأل أهل الاختصاص فلعل هذا التعبير من التعبيرات الواردة عن المعصومين (عليهم السلام) كما في (عجل فرجهم ) ، أو له وجه لغوي وعلمي يجعله مقبولاً من حيث اللفظ والمعنى .
حيدر السندي

No comments:

Post a Comment