Sunday, April 12, 2015

فاطمة محور الرضا والغضب الإلهيين

بقلم : حيدر السندي 
لقد صلى الاله على النبي 
على الكرار والحسن السني
وعم الخلق بالالطاف طرا 
و زال الهم عن قلب الشجي
بانوار الحسين ومن يليه
من الاطهار اولاد الوصي 
وما عرف الوجود كمثل فاطم 
اساس الخير والنور البهي 
لها إشراقة في كل حين 
قبيل الفجر أو وقت العشي
تطاوعها الأسامي في التجلي
محط السر أخفى من خفي 
وطوع الاسم إن رضيت رحيما
وان تغضب فويل للشقي 
فصل عليهم ربي وسلم
كما طهرت من دنس و غي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في البداية ابارك لكم جميعا هذه المناسبة السعيدة والكريمة وهي مناسبة ميلاد الزهراء (عليها السلام ) وأرجو من الله ان يشملنا جميعا رضاها وشفاعتها في المواطن التي ينفع فيها حبها ومنها عند الموت وليلة الوحشة والنشور والحساب والصراط .
نتحدث - ان شاء الله - عما دل على أن الله تعالى يغضب لغضب فاطمة (عليها السلام) ويرضى لرضاها ، و الكلام في مقامين:
المقام الأول : في متن وسند هذا الحديث.
فقد نقل الفريقان عدة روايات وبألسنة مختلفة تدل على أن الله تعالى يرضى لرضا فاطمة (عليها السلام) ويغضب لغضبها ، ومن ألفاظه :
1ـ ما رواه مسلم : ( فإنما ابتني بضعة مني يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها ) الرقم: 2449.
وأذية الرسول توجب غضب الله تعالى ، يقول عز وجل : ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا).
2ـ ما رواه البخاري : ( فأنما هي بضعة مني ، يريبني ما أرابها ، ويؤذيني ما أذاها ) الرقم: 5230.
3ـ ما رواه الحافظ الطبراني في المعجم الكبير22/401 : ( حدثنا بِشْرُ بن مُوسَى ومُحَمَّدُ بن عبد اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالا ثنا عبد اللَّهِ بن مُحَمَّدِ بن سَالِمٍ الْقَزَّازُ قال ثنا حُسَيْنُ بن زَيْدِ بن عَلِيٍّ وَعَلِيُّ بن عُمَرَ بن عَلِيٍّ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عن عَلِيِّ بن الْحُسَيْنِ عَنِ الْحُسَيْنِ بن عَلِيٍّ عن عَلِيٍّ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِفَاطِمَةَ أن اللَّهَ يَغْضَبُ لِغَضَبِكِ وَيَرْضَى لِرَضَاكِ .
ورجال هذا الحديث كلهم من الثقات :
الطبراني : من الحفاظ الثقات عند أهل السنة .
بشر بن موسى ومحمد بن عبد الله الحضرمي وكلاهما ثقة.
عبد الله بن محمد بن سالم : هو (عبد الله بن سالم )، وهو ثقة .
حسين بن زيد بن علي : وثقه جماعة وتكلم فيه جماعة ، وثقه الدارقطني ، وقال ابن حجر في التقريب : ( صدوق ربما أخطأ ) وقال أبو حاتم عن أحاديثه (تعرف وتنكر) و قال الذهبي في التلخيص : حسين بن زيد منكر الحديث.، وقال علي بن المديني : ( فيه ضعف ) وقال ابن معين : ( ليس بشيء ) .
ولكن طريق الحديث لا ينحصر به فقد نقل عبد الله الحديث عنه وعن علي بن عمر بن علي ، وقد وثقه ابن حبان قال في ثقاته 8/456 : ( يعتبر حديثه من غير رواية أولاده عنه ) ، وقد صححه الحاكم على شرط الشيخين وفي سنده علي بن عمر بن علي ، حيث رواه بالسند التالي (حدثنا عبد الله بن محمد بن سالم ، حدثنا حسين بن زيد ، عن علي بن عمر بن علي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده .... ) والذهبي تعقبه بقوله : ( حسين بن زيد منكر الحديث) ولم يقدح في سائر رجاله وفيهم علي بن عمر ، هذا مضافا إلى أنه لا يتوقع من المخالفين وضع هذه الرواية التي تشكل إشكالاً قوياً على أصل مذهبهم لما شجر بين الزهراء (عليها السلام) وبين ما استخلفته السقيفة حتى غضبت (عليها السلام) وهجرت حتى توفيت كما في كتاب البخاري وغيره ، ولو لم يكن إلا كثرة نقله من قبل الحفاظ وتصحيح بعضهم ووجود شواهد وموافقات له كالمروي في كتابي البخاري ومسلم لكفى في اعتباره عند كل منصف .
والغريب أن ابن تيمية قال في منهاج سنته 4/248- 249 : ( وأما قوله ورووا جميعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا فاطمة إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك فهذا كذب منه ما رووا هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعرف هذا في شيء من كتب الحديث المعروفة ولا له إسناد معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم لا صحيح ولا حسن).
أقول : وقد عرفت مما تقدم من أين صدر الكذب فلا حاجة للتعليق على كلامه.

المقام الثاني : في دلالة هذا الحديث .
والمشهور هو تفسير الحديث بأنه في مقام بيان عصمة الزهراء (عليها السلام) ، فإن الحديث يدل على أن الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها ، ولو كان غضبها ورضاها للهوى كأن تغضب على من خاصم أحد والدها وكانت خصومته بوجه حق ، أو ترضى لمن خاصم الخصم المحق لأحد أولادها ، للزم من ذلك رضا الله بالظلم تعالى الله عن ذلك ، فهي معصومة (عليها السلام) بمقتضى هذا الحديث الشريف.
إلا أن هنالك سؤالاً يثار حول هذا التفسير ، وهو : أن المعصوم من كان موافقاً لله تعالى في الرضا والغضب ، ولو كان الحديث في مقام بيان العصمة لعبر بالتعبير التالي : (فاطمة ترضى لرضا الله وتغضب لغضبه).
و قد أنقسم الذين واجهوا هذا السؤال إلى قسمين :
القسم الأول : من ذهب إلى أن الرواية ليست ناظرة إلى العصمة وإنما هي ناظرة إلى أمر آخر وهو أن رضا الزهراء وغضبها كاشف عن رضا الله تعالى وغضبه عن بعض الذوات و بيان ذلك ضمن أمور :
الأمر الأول : هو أن تبعية رضا الله تعالى وغضبه لرضا الزهراء (عليها السلام) لا يعقل أن تكون بلحاظ عالم الثبوت والواقع ، لأنها في هذا العالم تابعة له تعالى ، وعصمتها بمعنى مطابقتها لرضا هوغضبه وإرادته وبغضه .
الأمر الثاني : إلا أن هذه التبعية تتصور في مقام الإثبات والدلالة والكشف ، بمعنى أن رضاها كاشف عن رضاه وغضبها كاشف عن غضبه ، فيكون غضبها ورضاها علة في الإثبات لا في الثبوت .
الأمر الثالث : لم نعرف فعلاً واحداً توقفت معرفة حكمه على رضاها (عليها السلام) أو غضبها ، نعم هناك أشخاص عرف حكمهم وأنهم غير مرضيين عند الله من خلال غضبها (عليها السلام) إذا لم يبن القران وكذلك النبي (صلى الله عليه وآله)حكمهم ، فانحصر طريق معرفة حكمهم بها ، وعليه يكون الحديث في الحقيقة بيان من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله) بأن هناك أشخاص غير مرضيين عند الله ويعرف حالهم من خلال غضب الزهراء (عليها السلام) فهي الميزان والمعيار من بعده لمعرفة غير المرضي من قبل الله تعالى.
وبهذا يكون هذا لحديث من أدل الأدلة على حقانية مذهب أهل البيت (عليهم السلام). 
القسم الثاني : من قال بأنه لا موجب لرفع اليد عن ظاهر الحديث في التبعية الثبوتية ، وأنه في الواقع يدور رضا الله وغضبه مدار رضاها وغضبها ، وذلك لأنه من الجائز أن لا يكون العبد الفاعل للحسن مرضيا لوجود مزاحم ومانع ، ويكون إرضاؤه للزهراء موجباً لرفع تأثير المزاحم والمانع وكاسراً لأثرهما ، كما أن من الجائز أن يكون غضبها مانعاً من تعلق الرضا بمن صدر منه ما يوجبه لو لم يصدر ما أغضبها (عليها السلام) عنه ، وهذا يعني أنها (عليها السلام) بلغت مقاماً أخذ رضاها وغضبها في موضوع رضا وغصب الله تعالى ، وما ذاك إلا لأنها ذات نورانية قريبة من الله تعالى لا ترضى إلا في عدل ولا تغضب إلا في ظلم وشأنها عند الله عظيم بنحو لو أغضبها كائن من كان لكان إغضابه موجباً لسخط الله عليه ، ولو فعل من الطاعات ما شاء الله أن يفعل ، ومثل هذا المقام لا ينفك عن طهارتها وعصمتها ، وبهذا تكون الرواية دالة على العصمة أيضاً .
و لو سلمنا عدم معقولية التبعية الثبوتية والواقعية ، فلا موجب لتخصيص الحديث بدلالة رضاها وغضبها الإثباتية بالذوات ، وإنما هو عام يشمل دلالة رضاها وغضبها الإثباتية بالأحكام ، وعدم وقوفنا في هذا الزمان على أحكام لا دليل عليها إلا رضاها أو غضبها ، لا يعني عدم وقوف السابقين ، فلعل بعض الأحكام المجمع عليها أو المشهورة التي لم نقف فيها على دليل مصدره رضاها أو غضبها (عليها السلام) .

No comments:

Post a Comment