Sunday, February 1, 2015

عصمة الامام علي : مناقشة لتخبطات علي النحوي( أزمة الثقافة ):

آثار علي النحوى شبهة مفادها منافاة تولية امير المؤمنين عليه السلام لزياد بن أبيه لعقيدة العصمة التي أطبقت عليها الفرقة المحقة أنار الله برهانهم و هنالك عدة أمور ينبغي ان تأخذ في الحسبان قبل استنتاج نتيجة النحوي القائلة ( تولية زياد بن أبيه تنافي العصمة) :
الأمر الأول : على تقدير ثبوت اشتراط طهارة المولد في الوالي ، فهل هذا الاشتراط عام يشمل حتى ولد الزنا الذي تجري في مورده بالنسبة إلى عموم الناس قاعدة الفراش ، وبعبارة أخرى ، بناء على الاشتراط لا شك في عدم صحة تولية ابن الزنا في الظاهر والواقع ، ولكن هل هذا الاشتراط يشمل ابن الزنا في الواقع والذي هو بحسب الظاهر وعند عامة الناس ابن رشدة - بكسر الراء - ، وبعبارة ثالثة : هل تكليف المعصوم في مقام التولية الأخذ بالظاهر فيجوز له تولية ما يعلم انه ابن زنا في الواقع ما دام عند الناس دليل ظاهري على انه ابن رشدة كقاعدة الفراش ؟
وسبب طرح هذا الأمر هو ان زياد بن أبيه وان كان امير المؤمنين عليه السلام يعلم انه ابن زنا الا ان قاعدة الفراش جاريته فيه بحسب الظاهر ولهذا من الطعون المشهورة على معاوية على لسان علمائنا وبعض العامه انه الحق زياد بن ابيه بابي سفيان وخالف قول النبي صلى الله عليه واله ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) . فلابد من معرفة سعة وضيق دليل اشتراط ان يكون الوالي متولدا من رشدة ، وهذا ما. لم يتعب السيد النحوى نفسه في بحثه !!!
الأمر الثاني : على تقدير عموم الاشتراط. لابد. من البحث في ان هذا العموم هل هو قابل للتخصيص أم لا ؟
فان من الواضح جدا ان العقل لا يدرك قبح تولية ولد الزنا و العقلاء لا يعتبرون قبحها من القضايا العقلية النظرية فضلا عن البديهية ، فان كان هنالك قبح فهو مما دلنا عليه خالق العقل والعقلاء المحيط بمصالح الأشياء ومفاسدها ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة من خردل في السموات ولا في الأرض ، ويترتب على ذلك :
ان العقل لا يدرك قبح تولية ولد الزنا فليست قضية اشتراط ان يكون الوالي ولد رشدة من القضايا العقلية غير القابلة للتخصيص بل هي كسائر القضايا الشرعية التي لا يستقل العقل بادراكها و ينبغي ملاحظة دليلها من حيث العموم وملاحظة انه هل طرأ عليه مخصص او لا ؟.
وهذا للأسف ما لم يتعب علي النحوي نفسه في بحثه .
الأمر الثالث : لا بد من معرفة كيفية العلاج فيما اذا ورد نهي عام تعقبه فعل مخالف صدر من معصوم ، وهذه مسالة أصولية قديمة. وقد تعرض لها الخاصة والعامة وانتهوا إلى نتيجة واحدة اطبقوا عليها وهي التخصيص بيان ذلك :
لو رد نهي عام يشمل المعصوم وغيره ثم صدر من المعصوم في وقت فعل ينافي ذلك النهي العام اتفق علماء أصول الفقه على ان القاعدة في ذلك تخصيص العام بفعل المعصوم في ذلك الوقت ، و العامة مبتلون بذلك أكثر منا ولهذا اهتموا بالبحث فيها أكثر منا ومن أمثله وقوع ذلك عندهم :
١- ما في الصحاح ان رسول الله صلى الله عليه واله نهى عن شرب ماء زمزم عن قيام. ، ففي الصحاح أيضاً انه شرب من زمزم عن قيام . فتعاوض النهي العام مع فعل خاص .
٢-ما في الصحاح ان رسول الله صلى الله عليه واله نهى عن المثلة ولو بالكلب العقور ، وفيها أيضاً انه مثل بالقوم الذين سرقوا أموال الصدقة فقطع ايديهم وأرجلهم وسمل عيونهم وتركهم ينتظرون الموت تحت حرارة الشمس في الظهيرة في الحرة وقد تعارض فيه النهي العام مع فعل خاص .
٣- ما في الصحاح ان رسول الله صلى الله عليه واله نهى عن العقد والبناء والإنسان محرم ، فقد نقل عنه انه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَاله قال : ( لاَ يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلاَ يُنْكَحُ وَلاَ يَخْطُبُ ) رواه مسلم (1409) .وفيها انه خالف ذلك النهي فقد روى القوم عن ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ " رواه البخاري (1837) ومسلم (1410) " وهذا من تعرض النهي العام مع الفعل .
والوجه في الحمل على التخصيص ان عموم العام ظني ولهذا كان قابلا لان يخصص عند العقلاء بل قيل ما من عام الا وقد خص بخلاف دليل العصمة فانه قطعي وإذا تعارض الظني مع القطعي فان ما عليه العقلاء تقديم القطعي على الظني في مركز التعارض فقط ومركز التعارض هو الفعل الصادر من المعصوم في وقته الخاص وفي غير ذلك الفعل الخاص العموم على حاله لا موجب لرفع اليد عنه . وللأسف هذا الأمر أيضاً لم يبحثه علي النحوى وبدل ذلك جاء يكيل التهم مفتخرا بما ذكر وكانه ظفر بالقمر ، متظاهرا بمظهر الفارس المغوار الذي لا يقهر .
ونتيجة ما ذكرناه سابقا : انه لو سلمنا بوجود عموم يشمل حتى ابن الزنا الذي تجري فيه قاعدة الفراش ظاهرا ، فان هذا العموم قابل للتخصيص ومخالفة فعل المعصوم كأمير المؤمنين عليه السلام دليل مخصص بالاتفاق على كبرى مخصيصة فعل المعصوم عليه السلام بين الخاصة والعامة ، فدعوى مخالفة ما صدر منه مع فرض عصمته للشرع دعوى شاذة لم يقل بها احد من المسلمين الا علي النحوى ، ولعل السبب في ذلك انه نحوي ليس فقهيا او متكلما ويتحدث في غير مجال اختصاصه .
ان من المشاكل الكبيرة التي تشكل أزمة التفكير اليوم ظاهر الكسل المعرفي والثقة المفرطة بتراكمات عشوائية تستند الى حديث عابر هنا او مقالة سطحية هناك من دون أساس علمي يُقعد النتائج المتبناة ويشكل ركنا شديدا للفروع الثقافية التي يراد لها ان تتفرع .
كثيرون هم الذين يدعون الثقافة وربما الفكر ، ويبحثون عن موقع او مساحة في جغرافيا التجديد ، ولكنهم في الحقيقة لا يملكون مؤهلا أكثر من شهادة في مادتي الإملاء والتعبير ، و قدرة متواضعة على استخدام الأجهزة الذكية بغرض الكتابة ، أفرزت ما نراه من خواء ثقافي لصاحبه خوار .
حيدر السندي

No comments:

Post a Comment